صحة المرأة

هل أقراص منع الحمل تسبب الإصابة بالسرطان ؟

أقراص منع الحمل تعتبر الوسيلة الأشهر والأكثر انتشاراً بين النساء، ليس فقط لفعاليتها ولكن لسهولة استخدامها وتوفرها، فهي أقراص تؤخذ عن طريق الفم بشكل منتظم لتحاكي حالة هرمونية معينة في جسد الأنثي تمنع حدوث الحمل.

كيف تعمل أقراص منع الحمل؟

تعرف تلك الأقراص بأنها مركبات اصطناعية تشبه الهرمونات الأنثوية الطبيعية (الإستروجين والبروجيستيرون) واللذان يخلقان معاً أو أحدهما على الأقل بيئة داخلية بجسم الأنثي تمنع عملية التبويض (إنتاج الأمشاج المؤنثة)، كما تعمل تلك الأقراص على إحداث تغييرات فيزيائية لبطانة الرحم وإفرازات عنق الرحم بحيث تمنع الحيوانات المنوية (الأمشاج المذكرة) من اختراق عنق الرحم والوصول للبويضات وبالتالي الوصول للهدف الأخير وهو عملية منع الحمل.

كيف تعمل أقراص منع الحمل؟
هناك العديد من أقراص منع الحمل في الأسواق بأسماء تجارية مختلفة

يوجد نوعان مختلفان من أقراص منع الحمل: النوع الأول والذي يحتوي على نوعي الهرمونات الأنثوية (الإستيروجين والبروجيستيرون) معاً أو كما يطلق عليه Combined Pills وهو النوع الأكثر فعالية.

أمّا النوع الثاني فيحتوي على هرمون البروجيستيرون فقط ويطلق عليه Mini Pills كما أن فعاليته أقل، لذلك غالباً ما يتم استعمال النوع الثاني أثناء الرضاعة الطبيعية لضعف فرصة حدوث الحمل وعدم تعارضه مع الرضاعة.

هل تسبب أقراص منع الحمل السرطان حقاً؟

للإجابة على هذا التساؤل قام الباحثون بالعديد من الدراسات بغرض إثبات أو نفي وجود علاقة بين استخدام الأقراص الهرمونية لمنع الحمل وتطور الأورام السرطانية، شملت تلك الأبحاث تحليل السجل الطبي للنساء المصابات بأنواع معينة من الأورام السرطانية للبحث ما إن كن يستخدمن أقراص منع الحمل في سنواتهن الماضية أم لأ.

في دراسات أخرى خضعت مجموعة من النساء اللاتي يستخدمن أقراص منع الحمل بالفعل للمراقبة والفحص الدوري لملاحظة ما إن كن سيُصبن بأورام سرطانية أو لأ. أسفرت تلك الأبحاث عن وجود علاقة تربط استخدام أقراص منع الحمل وبعض أنواع السرطانات، لكن من المهم معرفة أن نتائج ذلك النوع من الأبحاث والتجارب لا تكون دقيقة بنسبة 100% بل تحتاج لنوع آخر أدق وأعقد من التجارب السريرية التي تثبت صحة النتائج المتوصَل إليها.

هل تسبب أقراص منع الحمل السرطان حقاً؟

ترجع نسبة الخطأ الواردة في مثل تلك الدراسات إلى احتمالية وجود عوامل جانبية أخرى تؤثر على نتائج التجربة. على سبيل المثال: عند البحث عن علاقة استخدام أقراص منع الحمل بتطور السرطان في مجموعة من النساء فإننا نتوقع أن تكون النتيجة حاسمة بالنفي أو الإثبات، فإمّا أن نجد أن النساء اللاتي يستخدمن أقراص منع الحمل يُصبن بأنواع محددة من السرطان أو لأ!

لكن في الواقع الأمر ليس بتلك البساطة، فمن الممكن ملاحظة وجود علاقة بالفعل عن طريق ملاحظة ارتفاع معدل السرطانات من أنواع محددة بين النساء اللاتي يستخدمن أقراص منع الحمل، لكن في الوقت ذاته ربما تسبب عامل خارجي آخر معلوم أو غير معلوم بحدوث أو زيادة نسبة حدوث تلك السرطانات وليس استخدام الأقراص ذاتها. (السرطانات اللطيفة: تعرف على أعلى السرطانات في نسبة الشفاء)

سرطان الثدي

 أفادت العديد من الدراسات التحليلية والتي شملت حوالي مائة وخمسين ألف سيدة أن هناك علاقة بين استخدام أقراص منع الحمل وزيادة نسبة سرطان الثدي، حيث ارتفعت نسبة الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 7% بين النساء اللاتي استخدمن أقراص منع الحمل من قبل عن اللاتي استخدمن وسائل أخرى. بينما وصلت تلك الزيادة إلى 24% بين النساء اللاتي ما زلن يستخدمن أقراص منع الحمل عن غيرهن ممن لا يستخدمن الأقراص في الوقت الحالي.

في دراسة أخرى أقيمت عام 2010 على حوالي 16.000 سيدة لم تكن النتائج مختلفة كثيراً، فقد ظهر ارتفاع ملحوظ في نسبة الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء اللاتي يستخدمن أقراص منع الحمل عن غيرهن، مع الأخذ بالاعتبار أن تلك الدراسة سلطت الضوء على أن ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان الثدي بين هؤلاء النساء مرتبط باستخدام نوع معين من أقراص منع الحمل وهي الأقراص ذات المراحل الثلاث والتي تتغير فيها نسبة الهرمونات على ثلاث مراحل خلال الشهر والتي لم تعد تستخدم كثيراً هذه الأيام.

هل توجد علاقة بين أقراص منع الحمل وسرطان الثدي؟

استمرت الأبحاث والدراسات والتي كان آخرها دراسة أقيمت عام 2017 والتي أكدت زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي بين النساء اللاتي يستخدمن أقراص منع الحمل مقارنة بغيرهن.

*مقال ذو صلة: خمسة أشياء تساعد على الوقاية من سرطان الثدي

سرطان عنق الرحم 

لا يتوقف الأمر عند سرطان الثدي فقط، بل إن استخدام أقراص منع الحمل بصفة مستمرة يزيد من خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم. هذا ما أثبتته الدراسات العلمية حيث يزداد خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم بنسبة 10% بين النساء اللاتي استخدمن أقراص منع الحمل لمدة أقل من خمس سنوات عن غيرهن من النساء اللاتي لم يستخدمن أقراص منع الحمل من قبل.

يصل خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم إلى 60% إذا ما زادت مدة استخدام أقراص منع الحمل عن خمس سنوات وتتضاعف النسبة مرة أخرى لمستخدمات أقراص منع الحمل لمدة تزيد عن العشر سنوات مقارنة بغيرهن. لكن ما يدعو للاطمئنان هو انخفاض خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم بشكل ملحوظ بعد مدة من وقف استعمال الأقراص.

هل يمكن أن تقي أقراص منع الحمل من السرطان؟

فيما سبق اتضح أن أقراص منع الحمل تلعب دور الشيطان، فمن الواضح تورطها بشكل ما أو بآخر في زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي وسرطان عنق الرحم، لكن لن يستمر الوضع على هذا الحال عند الحديث عن أنواع أخرى من السرطان والتي ثبت أن لأقراص منع الحمل دور وقائي منها. من تلك الأورام السرطانية على سبيل المثال: 

1- سرطان بطانة الرحم 

لأقراص منع الحمل تأثير إيجابي على خلايا بطانة الرحم مما يجعل لها دور وقائي ضد سرطان بطانة الرحم. مقارنة بالنساء اللاتي لم يستخدمن أقراص منع الحمل تنخفض نسبة الإصابة بسرطان بطانة الرحم في النساء اللواتي يستخدمن أقراص منع الحمل بنسبة 30% وتزداد تلك النسبة بزيادة عدد سنوات استخدام الأقراص. أي يمكن القول بأن استخدام أقراص منع الحمل يحمي من سرطان بطانة الرحم.

أقراص منع الحمل قد تلعب أيضاً دوراً وقائياً لبعض أنواع السرطان
أقراص منع الحمل قد تلعب أيضاً دوراً وقائياً لبعض أنواع السرطان

2-سرطان المبيضين

كما كان لاستخدام أقراص منع الحمل أثر وقائي من الإصابة بسرطان بطانة الرحم فإن كذلك الحال مع سرطان المبيضين، حيث تنخفض نسبة الإصابة بسرطان المبيضين بنسبة تصل إلى 50% بين النساء اللاتي يستخدمن أقراص منع الحمل عن غيرهن ممن يستخدمن وسائل أخرى.

3-سرطان القولون والمستقيم 

تعتبر النساء اللاتي يستخدمن أقراص منع الحمل أقل عرضة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة تصل إلى 20% مقارنة بغيرهن ممن يستخدمن وسائل أخرى لمنع الحمل.

*مقالة ذو صلة: هل يمكن حدوث حمل أثناء استخدام أقراص منع الحمل؟

هل يوجد تفسير ؟

ما العلاقة التي تربط عقار يستخدم لمنع الحمل بالعديد من أنواع الأورام السرطانية؟ وكيف يتراوح تأثير تلك الأقراص من أقصى اليمين لأقصى اليسار؟ فمرة تزيد من خطر الإصابة بالسرطان ومرات تقي من سرطانات أخرى!

حسناً، الأمر غاية في البساطة. كلُ ما هنالك أن التركيب الكيميائي لأقراص منع الحمل كما ذكرت في بداية المقال يشبه الهرمونات الأنثوية الطبيعية الموجودة بجسم الأنثى-الإستروجين والبروجيستيرون- وبالتالي فإن استخدام أقراص منع الحمل  يحاكي تأثير تلك الهرمونات على أنسجة الجسم المختلفة.

من المعروف أن أنسجة الجسم تتفاعل بشكل مختلف مع كل هرمون او مادة كيميائية سواء كانت من إفراز الجسم أو مصطنعة. هذا ما يفسر انتشار سرطان الثدي بشكل أوسع بين النساء اللاتي يستخدمن أقراص منع الحمل لفترات طويلة عن غيرهن، حيث إن خلايا نسيج الصدر وخلايا الأورام السرطانية للصدر تنمو وتتكاثر بشكل سريع نتيجة تفاعلها مع الهرمونات الأنثوية أو حبوب منع الحمل التي تشبهها.

على الجانب الآخر فإن استخدام أقراص منع الحمل يوقف عملية التبويض وما يتبعها من تغيرات في بطانة الرحم وبالتالي يقلل من فرص الإصابة بسرطان المبيضين وسرطان بطانة الرحم. (10 نصائح لمواجهة مرض السرطان عند التشخيص به)

ختاماً:

أقراص منع الحمل شأنها شأن باقي وسائل منع الحمل لها ما لها من مميزات وعليها ما عليها من عيوب، لذلك فاختيار وسيلة منع الحمل المناسبة لك يجب أن يخضع للبحث والدراسة والنقاش مع طبيبك المختص لتوضيح الوسيلة الأكثر أماناً لحالتك.

المصدر:

National Cancer Institute – Oral Contraceptives and Cancer Risk

السابق
اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع : الأعراض، الأسباب، والعلاج!
التالي
كيفية تخفيف آلام الدورة الشهرية – الأسباب وأفضل المسكنات!

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.