هل شاهدت فيلم “we need to talk about Kevin”؟ إذا لم تكن شاهدته لنأخذ معا نظرة عليه دون حرقه. الفيلم يتحدث عن إحدى اضطرابات الشخصية وهو: اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع. الفيلم يتناول هذا الاضطراب من جانب إنساني حيث يطرح تساؤلاً حول ما إذا كان لزاماً على الأم أن تحب ابنها بالفطرة والغريزة أم أن للظروف القاسية للطفل دخلُ في شعورها تجاهه.
فيلم “we need to talk about Kevin” واضطرابات الشخصية
تدور أحداث هذا الفيلم حول “إيفا” كاتبة مختصة بالأسفار تعيش حياة سعيدة مع زوجها الهادىء الطباع “فرانكلين”، لكن حياتها لم تستمر بهذا الهدوء طويلا، فعقب إنجابها لأول طفل لها تحولت حياتها إلى جحيم حقيقي!
الجو العام للفيلم قد تم خلقه ليتعمد إدخال المشاهد في حالة نفسية مزعجة ،فيركز الفيلم بشكل خاص على “إيفا” وابنها “كيفين” تحاول الأم طوال القصة أن تظفر بحياة طبيعية وتحظى بمشاعر الأمومة مع ابنها، والتي كانت مستحيلة طوال مدة الفيلم.
فالمزاج البالغ السوء للطفل جعل حياة الأم كقطعة من الجحيم حيث لا يتوقف الرضيع عن الصراخ في حضور والدته أبدا لدرجة لا يمكن تحملها، نعم كل الأطفال يصرخون، لكن كيفين لم يكن يتوقف عن الصراخ أبدا إلا إذا التحق شخص آخر مع والدته بالجلسة، وقتها فقط يتوقف عن البكاء فيما يتسبب بتعرض الأم للسخرية حيث يظن الجميع أنها تبالغ وأن طفلها لا يتعدى كونه طفلاً عادياً ككل الأطفال.
يتقدم عمر الطفل وتتضح معالم شخصيته أكثر فأكثر، لم يكن ظاهراً على الطفل أي شيء سوى عدم الارتياح والحقد الشديد على والدته، وكرس وقته طوال مدة الفيلم في تعذيبها نفسيا.
ومن ثم يظهر أمام كل شخص سواها أنه ليس سوى طفل بريء، كانت تحاول الأم طوال مدة الفيلم أن تقترب منه وتتواصل معه في علاقة طبيعية ولجأت إلى المساعدة من المتخصصين، لكن دون أي نتيجة تذكر. لم يتصرف “كيفين” تجاهها بشكل جيد أبداص سوى عندما كان يخطط لكارثة جديدة.
وعندما بلغ سن المراهقة أصبح أكثر شراسة تجاهها حيث كانت تشير كل جريمة داخل الأسرة أنه مرتكبها لكن هدوءه المرتب يجعل “إيفا” تظهر بمظهر المجنونة في نظر باقي أفراد الأسرة.
حتى حدثت كارثة في نهاية الفيلم كان على “إيفا” تحمل عواقبها دون أن يصبح لها أي دخل بها فقط لأنها والدته.
اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع
هو نوع من الاضطراب الشخصي الذي يتسم بالتحدي بشكل خاص ويتضمن سلوكيات متهورة وغير مسؤولة وغالباً ما تكون إجرامية. عادةً ما يكون الشخص الذي يعاني من اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع متلاعباً وخادعاً ومتهوراً ، وغير مهتم بمشاعر الآخرين، مما يعني أنه يمكن أن تترواح السلوكيات العدوانية في شدتها من السلوك السيئ في بعض الأحيان إلى كسر القانون مراراً وتكراراً وارتكاب جرائم خطيرة.
علامات اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع:
- استغلال حقوق الآخرين أو التلاعب بها أو انتهاكها
- الافتقار إلى الشعور بالقلق أو الندم
- التصرف بشكل غير مسؤول وعدم احترام السلوك الاجتماعي الطبيعي
- صعوبة الحفاظ على علاقات طويلة الأجل
- فقدان القدرة على السيطرة على غضبهم
- عدم الشعور بالذنب ، أو عدم التعلم من الخطأ
- إلقاء اللوم على الآخرين في مشاكل حياتهم
- كسر القانون مراراً وتكراراً، والسلوكيات الاجرامية العدوانية.
- سيكون للشخص المصاب باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع تاريخ في اضطراب السلوك أثناء الطفولة
من الذي يصاب بهذا الاضطراب؟
هذا الاضطراب يؤثر على الرجال أكثر من النساء ومن غير المعروف لماذا يصاب بعض الأشخاص به دون آخرين، ولكن يعتقد أن كل من الوراثة وخبرات الطفولة المؤلمة ، مثل إساءة معاملة الأطفال أو إهمالهم، تلعب دوراً في تشكيل هذه الشخصية.
وغالباً ما يكون الشخص المصاب باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع قد نشأ في ظروف عائلية صعبة: أحد الوالدين أو كليهما قد يسيء استخدام الكحول، كما أن نزاع الوالدين والأزواج القاسية غير المتسقة أمر شائع في العائلات التي لديها طفل مصاب بهذا الاضطراب.
وغالبا ما تؤدي هذه الأنواع من الصعوبات في مرحلة الطفولة إلى مشاكل سلوكية خلال فترة المراهقة والبلوغ.
علاج اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع
في الماضي، كان يُعتقد أن اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع هو اضطراب مستمر مدى الحياة، ولكن هذا ليس هو الحال دائمًا فيمكن في بعض الأحيان إدارته ومعالجته.
وتشير الدلائل إلى أن السلوك يمكن أن يتحسن بمرور الوقت مع العلاج، حتى لو بقيت الصفات الأساسية – مثل عدم وجود التعاطف مثلاً – لدى المصاب.
عادةً لا يطلب المريض نفسه العلاج من الطبيب فهو لا يشعر بوجود مشكلة فيه من الأساس لكنه قد يطلب علاج أمراض مصاحبه لاضطرابه مثل عندما يصاب بالاكتئاب مثلاً، وفي الغالب لا يخضع لعلاج حالته إلا بأمر من المحكمة.
يعتمد العلاج الموصى به على ظروفه، مع الأخذ بعين الاعتبار عوامل مثل العمر والتاريخ السلوكي وما إذا كانت هناك أي مشاكل مرتبطة بتعاطي المخدرات. ومن أمثلة العلاجات المتاحة:
العلاج المعرفي السلوكي (CBT)
إنه علاج حديث يهدف إلى مساعدة الشخص على إدارة مشاكله من خلال تغيير طريقة تفكيره وتصرفه.
العلاج القائم على الاستقراء (MBT)
هو نوع آخر من العلاج الحديث الذي أصبح أكثر شعبية في علاج اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع. سيشجع المعالج الشخص على مراقبة طريقة تفكيره وكيف تؤثر حالته العقلية على سلوكه.
مدة العلاج الموصى بها هي 18 شهراً، حيث يجب أن يكون هناك وقت كافٍ للشخص لإجراء تغييرات ووضع مهارات جديدة موضع التنفيذ.
الدافع الذاتي هو عامل مهم آخر في نجاح العلاج فعلى سبيل المثال، يجب أن يكون الشخص مستعدًا للعمل كجزء من المجتمع، والمشاركة في مجموعات.
العلاج الدوائي
هناك القليل من الأدلة لدعم استخدام الأدوية لعلاج اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، على الرغم من أن بعض الأدوية المضادة للذهان و الأدوية المضادة للاكتئاب قد تكون مفيدة في بعض الحالات
لكن قد يساعد الكاربامازيبين والليثيوم في السيطرة على أعراض مثل العدوان والسلوك الاندفاعي.
المصادر:
- National Health Service : Anti-social Personality Disorder
- Psychologytoday : Anti-social Personality Disorder