التغذية الصحية

السمنة بين الجينات والنظام الغذائي!

السمنة وزيادة الوزن من أمراض العصر التي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم مما يجعلها أعلى قائمة المشكلات الصحية التي تحاول المنظمات الصحية والبحثية مواجهتها. طبقاً للإحصائيات فإن حوالي 1.3 بليون من البالغين على مستوى العالم يعانون من مرض السمنة المفرطة وحوالي 600 مليون يعانون من زيادة الوزن وتتضاعف تلك النسبة بمرور الوقت، يزداد الأمر سوءاً في بعض الدول خاصة مثل الولايات المتحدة الأمريكية حيث أكثر من ثلث السكان يعانون من السمنة.

قد يبدو لك الأمر مبالغاً فيه بالحديث عن السمنة كمرض وكمشكلة صحية كبرى فهناك الكثير ممن يعانون من الوزن الزائد وتقتصر شكواهم على المظهر الغير مرغوب به بل إن بعضهم متصالح مع مظهره ولا يخطر بباله محاولة إنقاص وزنه من الأصل. في الحقيقة الأمر أكبر من مجرد مظهر معين ومقاس ملابس صعب الحصول عليه فالسمنة تحدد كيف ستعيش حياتك وربما كيف ستموت أيضاً.

السمنة بين الجينات والنظام الغذائي

تأثير السمنة على الصحة

طبقاً للعديد من الأبحاث التي أجريت لمعرفة تأثير السمنة على الصحة وعلى عمر الإنسان فإن نسبة الوفيات بين أولئك الذين يعانون من السمنة والسمنة المفرطة عند سن معين تكون أعلى بكثير من أولئك الذين يتمتعون بوزن صحى.

يرجع السبب في ذلك إلى أنه على عكس خلايا البروتين أو العظام فخلايا الدهون تتسبب في تنشيط خلايا الالتهاب في الجسم مما يتسبب في زيادة خطر الإصابة بالسرطانات عموماً وبالأخص سرطان الثدي والبنكرياس والقولون كما أن تراكم النسيج الدهني في الجسم بشكل زائد يعوق سير العمليات الحيوية الطبيعية بالجسم مما يؤدي للإصابة بالعديد من الأمراض الخطيرة جداً مثل مرض السكر من النوع الثاني و ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين وجلطات الدماغ والسكتات القلبية، إذاً فالأمر فعلاً لا يتعلق بمجرد مقاس الملابس.

السمنة بين الجينات والنظام الغذائي

السمنة وزيادة الوزن والجينات 

بمجرد اكتشاف العلاقة بين السمنة وذلك الكم من الأمراض انطلق العلماء يبحثون أكثر وأكثر في هذا الشأن ليظهر الاكتشاف لأول مرة منذ ما يزيد عن 30 عام أن لاكتساب الوزن الزائد علاقة بالجينات أي أن الوراثة تلعب دور هام في اكتساب الفرد للوزن الزائد لذلك يختلف الناس فيما بينهم في اكتسابهم للوزن. كان الأمر في البداية غير واضح حيث لم يستطع العلماء تحديد كيف يحدث ذلك وما هو الجين المسئول عن السمنة.

مع التقدم في الأبحاث اتضح أن الأمر لا يتعلق بجين واحد بل بمجموعة مختلفة من الجينات تتحد فيما بينها بشكل ما لتُحدث تأثيرها وساد الاعتقاد لبعض الوقت أن اللوم يقع على الجينات التي لا نستطيع التحكم بها، لكن ما تم ملاحظته بعد ذلك أن السمنة وزيادة الوزن تتضاعف عاماً بعد عام وتزداد بشكل مخيف، فمن غير المنطقي أن الجينات تتكاثر مثلاً!

استمرت الأبحاث بعد ذلك في التقدم إلى أن تم التوصل أن تأثير تلك الجينات مجتمعة يعتبر تأثير ضعيف جداً حيث وجود تلك الجينات في شخص ما تزيد من احتمالية إصابته بالسمنة عن غيره بنسبة 20 إلى30% عن غيره فقط في حال أسرف في تناول الطعام واتبع نظام غذائي غير صحي وتوقف عن ممارسة الرياضة وذلك طبقاً لأحدث دراسة أقيمت في جامعة هارفارد. بعبارات أخرى وكما عبر القائمون على تلك  التجارب لا يستطيع أقوى استعداد جيني لديك ان يجعلك تكتسب وزناً زائداً ما لم تقرر أنت ذلك.

هل تستطيع التحكم بجيناتك؟

ربما تعتقد أن الأمر محسوم منذ البداية فكون شخص ما يمتلك مجموعة الجينات التي تجعله أكثر عرضة للإصابة بالسمنة فإن ذلك أمر واقع غير قابل للتغيير لكن في قيقة الأمر وطبقاً لأحدث الأبحاث فإن الأمر قابل للتغيير بتغيير نمط الحياة.

طبقاً لدراسة أجريت على حوالي 200.000 مشترك ممن يحملون الجينات التي تزيد من خطر الإصابة بالسمنة وبعد تقسيم هؤلاء الأشخاص لمجموعتين أحدهما تمارس الرياضة ومجموعةأخرى لا تمارس الرياضة اتضح فيما بعد أن المجموعة التي لا تمارس الرياضة معرضة لخطر أكبر بنسبة 27% لتطور السمنة عن المجموعة التي تمارس الرياضة رغم ان كلا المجموعتين تحملان نفس الجينات. 

ما تم التوصل إليه هو أن الجينات هي عامل من ضمن العوامل التي يمكن أن تؤثر على زيادة الوزن لكنها تبقى عامل ضعيف جداً وغير مؤثر مقارنة بالنظام الغذائي ونمط الحياة العام و ممارسة الرياضة. ما زالت الأبحاث جارية حتى الآن لمعرفة العلاقة الدقيقة بين الجينات وتأثير البيئة المحيطة ونمط الحياة على السمنة وما زالت الأبحاث قائمة أيضاً لمعرفة لماذا لا يصاب بعض الناس بالسمنة على الإطلاق بالرغم من نمط الحياة الغير صحى الذي يتبعونه.

المصادر: Washington Post / Popular Science

السابق
فوائد التأمل أو ال Meditation للدماغ والصحة النفسية – عشر فوائد مثبتة!
التالي
دوالي الساقين : الأسباب، الأعراض، والعلاج!

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.