بإلقاء نظرة سريعة وخاطفة على المجتمع المحيط سنلاحظ الانتشار الواسع لمرضي ارتفاع ضغط الدم و مرض السكر وخاصة بين كبار السن والذين يعانون من السمنة والوزن الزائد وبالتدقيق أكثر سنلاحظ الارتباط بين هذين المرضين، فنسبة لا يستهان بها من مرضى ارتفاع ضغط الدم هم مرضى سكر والعكس صحيح.
إن تلاقي مرض السكر وارتفاع ضغط الدم في المريض ذاته يجعل الأمر غاية في السوء حيث يعمل كل مرض منهما على زيادة حالة المرض الآخر سوءاً وبالتالي جعل صحة المريض أسوأ بكثير. هل من الممكن أن يكون اجتماع مرض ارتفاع ضغط الدم ومرض السكر في نسبة كبيرة من المرضى من قبيل المصادفة! أم أن هناك ما يربط بين وجودهما؟ هذا ما سنعرفه في السطور التالية من هذا المقال لكن مبدأياً يجب التعرف على طبيعة كل من المرضين باختصار حتى يتسنى فهم العلاقة بينهما.
ما هي طبيعة مرض ارتفاع ضغط الدم؟
يعبر ضغط الدم عن القوة التي يؤثر بها اندفاع ومرور الدم بالأوعية الدموية على جُدر تلك الأوعية ويتأثر مقدار ذلك الضغط بعاملين رئيسيين وهما طبيعة عمل القلب وطبيعة استجابة جدر الأوعية الدموية لذلك العمل (مقاومة الأوعية الدموية).
يُقاس ضغط الدم بجهاز مخصص لذلك وتكون القراءة الناتجة عبارة عن رقمين يعبر أكبرهما عن ضغط الدم الانقباضي والأصغر عن ضغط الدم الانبساطي، ويعتبر ضغط الدم طبيعياً عندما تكون قيمته حوالي 120/80 مم زئبق.
يمكن لضغط الدم أن يرتفع مؤقتاً في بعض الظروف بشكل طبيعي في أوقات معينة مثل ممارسة الرياضة أو الوقوع تحت ضغط عصبي مؤقت وما إلى ذلك لكن ارتفاعه بشكل دائم يعدُ أمراً مرضياً خطيراً ويحتاج للتدخل الطبي للعلاج حيث من الممكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم بدون علاج لفترات طويلة للعديد من المضاعفات الخطيرة مثل السكتات الدماغية وفشل عضلة القلب وخلافه.
ما هو مرض السكر؟
تحتاج جميع خلايا الجسم للجلوكوز كمصدر للطاقة للقيام بعملياتها الحيوية المعروفة ولكي تستطيع تلك الخلايا استهلاك الجلوكوز لابد من وجود هرمون الإنسولين الذي تفرزه بعض خلايا البنكرياس.
مرضى السكر يعانون تراكم الجلوكوز في الدم وارتفاع نسبته لعدم قدرة خلايا الجسم على استهلاكه لوجود مشكلة ما. على حسب تلك المشكلة الموجودة بجسد هؤلاء المرضى يمكن تقسيمهم لنوعين:
- النوع الأول: يصيب الأطفال غالباً وفي هذا النوع ترتفع نسبة سكر الجلوكوز في الدم نتيجة فشل خلايا البنكرياس في إفراز هرمون الإنسولين أو ما يكفى منه ويعاني المرضى من الجوع والعطش الدائمين والتبول المتكرر وانخفاض الوزن.
- النوع الثاني: يصيب غالباً البالغين والكبار في السن. وارتفاع نسبة سكر الجلوكوز في هذه الحالة يرجع لعدم قدرة مستقبلات الإنسولين على العمل بشكل طبيعي وليس نتيجة انخفاض مستوى الهرمون نفسه. يرتبط ذلك النوع بعدم آداء التمارين الرياضية واتباع نظام غذائي غير صحى وزيادة الوزن وتتشابه أعراضه مع أعراض النوع الأول.
حلقة الوصل بين مرض السكر ومرض ارتفاع ضغط الدم
في المقدمة السابقة عن المرضين ذكرنا أن ضغط الدم يتعلق بمقاومة الأوعية الدموية للدم الذي يمر بها، وبالتالي فإن أي عامل يؤثر على مرونة الأوعية الدموية يجعلها غير قادرة على التمدد أو يجعلها أضيق سيعمل على زيادة ضغط الدم.
وهذا ما يفعله مرض السكر. بالإضافة إلى ذلك فمرض السكر يعمل على زيادة حجم الدم المار بالأوعية الدموية بشكل غير طبيعي نتيجة زيادة مستوى السكر وتلك الزيادة تؤدي لضغط أكبر على جدران الأوعية الدموية التي لا تعمل بكفائة من الأساس ولا تستطيع التمدد بما فيه الكفاية فيزداد الضغط أكثر وأكثر، ليس هذا فقط بل إن زيادة حجم الدم بشكل مستمر يشكل عبئاً على القلب مما يهدد بنقص كفائة عمله وهو ما يؤثر بدوره أيضاً على قيمة ضغط الدم.
ما سبق يفسر لماذا ثلث مرضى السكر من النوع الأول وأغلب مرضى السكر من النوع الثاني يعانون من ارتفاع ضغط الدم.
إن كانت هذه هي العلاقة المباشرة التي تزيد من خطر الإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم بين المصابين بالسكر فهناك عوامل أخرى تزيد الأمر سوءاً وتجعل فرصة الإصابة بارتفاع ضغط الدم بين مرضى السكر مضاعفة من تلك العوامل:
- الإصابة بمرض قلبي أو وجود تاريخ عائلي.
- التدخين
- عدم ممارسة الرياضة
- اتباع نظام غذائي غير صحى غني بالأملاح
- التقدم بالعمر
- السمنة والوزن الزائد
الإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم مع مرض السكر يعتبر أمر غاية في الخطورة حيث يزيد من فرصة حدوث مضاعفات المرضين مثل النزيف بالمخ واعتلال القرنية الذي قد يصل للعمى الدائم والسكتات القلبية وغيرها من المضاعفات التي تودي بحياة المرضى . لذلك على من يعاني من مرض السكر اتباع نظام غذائي صحى وممارسة الرياضة والإقلاع عن التدخين والحفاظ على مستوى السكر في الدم في الوضع الطبيعي قدر الإمكان عن طريق أخذ الأدوية الموصوفة بالجرعات الصحيحة.
مقالات ذات صلة: