الصحة الرقمية

إدمان الهاتف وتطبيقات التواصل الاجتماعي – أسبابه وكيفية التخلص منه؟!

إذا قمت بسؤالك عن متوسط عدد الساعات التي تستخدم فيها هاتفك المحمول أو تبقيه بالقرب منك خلال اليوم ماذا ستكون إجابتك؟ ربما نبهك هذا السؤال لحقيقة صادمة وهي أنك تبقى ملتصقاً بهاتفك المحمول طوال اليوم تقريباً لا تتركه إلا أثناء نومك.

إدمان الهاتف وتطبيقات التواصل الاجتماعي - أسبابه وكيفية التخلص منه؟!

هل سألت نفسك إن كنت حقاً تحتاج لهاتفك المحمول كل تلك الساعات أم أن الأمر أصبح شبه إدمان؟ هل سألت نفسك أيضاً عن تلك العادة هل تجعل حياتك أفضل أم لا؟ معظمنا يعرف بالفعل ان الالتصاق المبالغ به للهاتف المحمول والإدمان على تصفح مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهاتف المحمول يجعل حياتنا أسوأ بأكثر من شكل، بدءً من عدد ساعات لا حصر لها تضيع هباءً وبالتالي تضيق علينا الوقت المتاح للقيام بالمهام المطلوبة كالمذاكرة والعمل وغيرها أو تنتهى بنا لحالة من التشتت وفقدان التركيز تقودنا بشكل مباشر لنقص جودة العمل المطلوب أداؤه.

ذلك الوقت المهدر لا يؤثر على وقت العمل فقط بل يبتلع أيضاً وقت الفراغ فيضيع علينا فرص القيام بهوايات وأنشطة مفيدة او ممارسة التمارين الرياضية الهامة للصحة على سبيل المثال. ليس ذلك فقط بل إن الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهاتف المحمول تجعل منّا مع الوقت أشخاص منعزلة وتضعف من العلاقات الأسرية والاجتماعية في الواقع الحقيقي وليس الافتراضي.

إدمان الهواتف الذكية وتطبيقات التواصل بات ظاهرة منتشرة
إدمان الهواتف الذكية وتطبيقات التواصل بات ظاهرة منتشرة

كما أثبتت العديد من الأبحاث أن الإفراط في استخدام الهاتف المحمول يؤدي لاضطرابات وصعوبة في النوم والذي يعمل بدوره كبيئة خصبة للعديد من الاضطرابات النفسية كاضطراب القلق والاكتئاب وغيرها كما يزيد حالة ضعف الإنتاج العام سوءً.

لماذا لا نستطيع التوقف عن استخدام تطبيقات الهاتف المحمول؟

لماذا بالرغم من معرفتنا بتلك الأضرار نستمر في تلك العادة السيئة؟ لماذا نستمر بالإفراط في قضاء الوقت على مواقع التواصل الاجتماعي بدون هدف؟ الإجابة بوضوح أن هناك بعض الحيل النفسية تقوم بها الشركات القائمة على تلك التطبيقات فهي بالنهاية شركات ربحية هدفها أن تقضي أطول وقت متصلاً بالإنترنت من خلالها لتحصل بذلك على المزيد من الإعلانات. فيما يلي سنطلعك على بعض تلك الحيل النفسية وبعض الطرق للتغلب عليها.

حيل نفسية تُبقيك مدمناً على تطبيقات الهاتف المحمول:

1. اتباع نظام مقنع ومحكم لتحفيز مراكز المكافئة بالمخ 

يوجد بالمخ منطقة تسمى Ventral Tegmental Area أو اختصاراً (VTA) وهي المنطقة المسئولة عن إفراز هرمون الدوبامين وهو أحد هرمونات السعادة، تقوم تلك المنطقة بإفراز الدوبامين عند قيامك بعمل معين يحفز نشاطها كالقيام بالتمارين الرياضية أو إنجاز مهمة ما وخلافه وتسمى تلك العملية بنظام المكافأة في المخ.

أي يمكن اعتبار أن المخ يدرك قيامك بعمل ما يستحق المكافأة فيقوم بإفراز الدوبامين فتشعر أنت بالسعادة وتلجأ لتكرار ذلك الفعل حتى تستمر بالشعور بالسعادة مراراً وتكراراً حتى يتحول الأمر لعادة ثم إدمان. هناك الكثير من الطرق التي تستطيع التلاعب بتلك العملية لتجعلك تدمن على فعل شئ ما. تصميم مواقع التواصل الاجتماعي نوعاً ما يقوم بتلك المهمة فهو مصمم على غرار تنكولوجيا معامل ستانفورد للإقناع والتي صممت خصيصاً لإستخدام التكنولوجيا لإقناع الأفراد بعادات صحية كالبعد عن التدخين وغيرها.

هناك حيل نفسية وراء الاستخدام المفرط للهواتف والتطبيقات
هناك حيل نفسية وراء الاستخدام المفرط للهواتف والتطبيقات

حيث تبدأ تلك التقنية بإطلاق محفز ما يشجع على القيام بـ “عمل” معين بيث يؤدي ذلك العمل لتحفيز مراكز المكافئة بالمخ فتجعلك تستمر بفعل ذلك العمل مراراً وتكراراً. قامت التطبيقات كتطبيق فيس بوك على سبيل المثال بتبني وتطبيق تلك التقنية بدءاً من صوت الإشعارات والذي يعتبر هنا القائم بدور المحفز ليقوم المستخدم بالضغط على الإشعار وهذا يمثل العمل ليرى على سبيل المثال أحدهم قد قام بالتعليق على صورة له وهذا يمثل المكافأة، وهكذا إن قام المستخدم بالرد على تعليق احدهم أو بكتابة تعليق آخر أو نشر صورة أو منشور تستمر تلك الدائرة.

2. الارتباط الشرطي السمعي

هل سمعت من قبل عن قانون بافلوف؟ حسناً إن لم تكن قد سمعت عنه من قبل فهو عالم نفس روسي قام بتجارب أثبتت فيما بعد حدوث ارتباط شرطي بين مؤثر معين واستجابة معينة عند تكرار ذلك المؤثر. في حالتنا تلك لقد أصبحنا مبرمجون على تفقد هواتفنا المحمولة في كل مرة نسمع فيها جرس الإشعارات حتى وإن لم يكن هناك سبب حقيقي وقوي يدفعنا لاستخدام الهاتف المحمول. يمكنك بكل بساطة ملاحظة ذلك عندما تتشابه نغمة الهاتف أو نغمة الإشعارات لأكثر من شخص يتواجدون بالصدفة في نفس المكان، عندما يصدر ذلك الصوت من هاتف احدهم ستجد الجميع تلقائياً يتفقد هاتفهه المحمول.

3. اتباع نظام التشويق والغموض للحصول على المكافأة

هذه الحيلة والنفسية هي أقوى من سابقيها فهي لا تكتفي بمجرد الارتباط الشرطي البسيط المعلن ولكن تعمل على خلق جو من التساؤل بداخل دماغك عند ظهور الإشعار الملون على شاشة هاتفك أو سماع جرس الإشعارات هل يا تُرى ذلك هو الإشعار المنشود الذي كنت أنتظره؟ ربما. فتذهب للتطبيق للتحقق من ذلك. وتتخطى تلك الحيلة تلك الجزئية لتجبرك على الاستمرار بالتصفح إذ ربما تجد هنا أو هناك ما يسرك وبالتالي تقضي ساعات أطول على التطبيق وتعتبر تلك الحيلة هي الأقوى والسبب الأول للإدمان.

البعض أصبح أسيراً لهاتفه الذكي!
البعض أصبح أسيراً لهاتفه الذكي!

وسائل للتغلب على إدمان تطبيقات الهاتف المحمول

بالطبع هناك بعض الوسائل للتخلص من ذلك الإدمان ومن آثاره السيئة منها على سبيل المثال:

  • التخلص من التطبيقات غير الضرورية 

يجب على كل منا تحديد أولوياته واحتياجاته من تلك التطبيقات بدقة ليستفيد مما يحتاج ويتخلص من غيره. على سبيل المثال إن كنت تستخدم تطبيقات التواصل الاجتماعي بهدف التواصل مع الأهل والأصدقاء ففي تلك الحالة مثلاً يمكنك استخدام تطبيق فيس بوك ماسنجر والتخلص من تطبيق فيس بوك الأساسي فذلك سيقلل من عدد الإشعارات المزعجة ومن عدد الساعات المهدرة، هذا فقط على سبيل المثال وبإمكانك تحديد ما هو ضروري لك وما هو أقل أهمية ويمكن إزالته.

  • إيقاف الإشعارات

يمكنك بكل بساطة إيقاف الإشعارات لتقرر وبكامل إرادتك تصفح التطبيق في وقت محدد والخروج بعد ذلك، ودون أن تقوم تلك الإشعارات بإزعاجك دوماً.

بعض الخطوات البسيطة قد تعالج مشكلة إدمان الهاتف والإنترنت وتطبيقات التواصل
بعض الخطوات البسيطة قد تعالج مشكلة إدمان الهاتف والإنترنت وتطبيقات التواصل
  • إبعاد الهاتف المحمول

عند القيام بمهمة معينة أو إنجاز عمل معين ربما إبعاد هاتفك المحمول في غرفة أخرى سيساعدك أكثر على التركيز وإهدار وقت أقل.

  • مراقبة الوقت عند تصفح تطبيقات التواصل الاجتماعي بدون هدف

من المهم جداً أن تكون يقظاً وواعياً لذلك الوقت الذي تقضيه متصفحاً مواقع التواصل الاجتماعي بدون هدف محدد ومعرفة الوقت الذي تهدره أثناء القيام بذلك. فهذه خطوة هامة نحو الإقلاع عن ذلك الإدمان. هذا الأمر ربما يكون صعباً، لكن هناك تطبيقات مفيدة مثل تطبيق ActionDash الذي سيعرض لك بالتفصيل الوقت الذي تقضيه على هاتفك والمدة التي تقضيها على كل تطبيق بشكل تفصيلي بشكل يومي وأسبوعي، تطبيق ActionDash متوفر على متجر جوجل بلاي لمستخدمي أجهزة الأندرويد، وكذلك ميزة Digital Wellbeing المتوفرة في بعض الأجهزة.

أما على هواتف الآيفون وأجهزة الآيباد العاملة بنظام iOS يمكنهم استخدام خاصية “وقت الشاشة Screen Time” الموجودة في إعدادات النظام، وهي خاصية أيضاً هدفها إعلام المستخدم بالوقت الذي يقضيه على الجهاز وكيف يقضيه!

السابق
خرافات وحقائق حول مضادات الاكتئاب
التالي
كيف تتعايش مع متلازمة القولون العصبي؟

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.