يعاني الكثير من الآباء والأمهات للتعامل مع أطفالهم خصوصاً إذا كان الطفل كثير الحركة والكلام مما يجعل السيطرة عليه أمراً في غاية الصعوبة. تعتبر كثرة الحركة سلوكاً طبيعياً بشكل ما في الأطفال لكن عندما يزداد ذلك عن الحد فربما يكون الطفل مصاباً باضطراب فرط الحركة وضعف الانتباه ADHD خصوصاً إذا كانت حركة الطفل المبالغ فيها مقرونة ببعض الأعراض الأخرى كعدم التركيز وصعوبة إكمال نشاط ما إلي آخره حتى وإن كان هذا النشاط هو اللعب أو تناول الطعام. من الجدير بالذكر ان هذا الاضطراب غير مقتصر على مرحلة الطفولة وإنما يمتد مع الشخص المصاب به طوال حياته مع اختلاف في شدة الأعراض.

أعراض اضطراب فرط الحركة وضعف الانتباه
-
الحركة المبالغ فيها
يظهر ذلك في الأطفال علي شكل انتقال مفرط من مكان لآخر دون المكوث في مكان ما ولو لوقت قصير وصعوبة السيطرة على الطفل في الأماكن العامة أو المدرسة فالطفل دائماً ما يترك مقعده ويتنقل هنا وهناك أو لا يستطيع البقاء ثابتاً مما يحدث ضجة وتوتر. من العلامات المهمة أيضاً أن الطفل لا يتوقف عن الحديث السريع وينتقل من موضوع لآخر بسرعة ولا يسمح للآخرين بمقاطعته بل ويقاطع الآخرين أثناء حديثهم.

فيما بعد في مراحل متقدمة من العمر كالمراهقة مثلاً يصعب علي المراهق الانخراط في الأنشطة والهوايات بشكل جيد ويجد صعوبة في الانتظار كانتظار دوره أثناء مناقشة أو حديث ما أو في أي موقف آخر.
في الكبار والبالغين يكون فرط الحركة أقل ظهوراً لكنه ما زال موجوداً فعلى الرغم من كون الفرد البالغ مجبراً علي الجلوس لفترة معينة دون التحرك بشكل غير مسئول إلا أن تلك الأشخاص يلاحظ نشاطها الحركي الزائد في حركة الأطراف الدائمة وفي الانتقال من مكان لآخر فور ما يكون ذلك متاحاً، كما أن كثرة الكلام ومقاطعة الآخرين أثناء الحديث تظل صفة ظاهرة وإن كانت أقل ظهوراً منها في الأطفال والمراهقين.
-
التسرع
يعاني المصاب باضطراب فرط الحركة وضعف الانتباه من صعوبة في التروي والتفكير قبل التنفيذ لذلك نجد أن المصاب دائماً ما يكون متسرعاً ويقوم بالعديد من التصرفات الحمقاء التي تسبب المتاعب والمشكلات. دائماً ما تكون تصرفاتهم متهورة ووليدة اللحظة دون التفكير في العواقب مما يجعلهم دائماً عرضة للمشاكل في المدرسة أو العمل.
-
ضعف الانتباه والتركيز
يظهر ذلك في مرحلة الطفولة غالباً عندما يبدأ الطفل تعلم القراءة والكتابة فيلاحظ الآباء كثرة تشتت الطفل لأقل الأسباب وعدم تركيزه وأحياناً لا يستجيب الطفل لمن يحدثه وغالباً ما يفقد أغراضه المدرسية وألعابه.

تبقى صعوبة التركيز أثناء الشرح والمذاكرة صفة ملازمة وظاهرة أثناء المراهقة وعند التقدم في العمر ولكن تظهر في أشكال أخرى حيث يجد الشخص صعوبة في التركيز لمدة طويلة أثناء الاجتماعات أو المحاضرات أو كثرة التشتت أثناء المذاكرة والقراءة أو أي نشاط ذهني. غالباً ما ينسى المصاب بهذا الاضطراب الكثير من التفاصيل والمواعيد والمهام الموكلة إليه، غالباً ما يميل للتأجيل والتأخر في إتمام واجباته ومهامه ويجد صعوبة في ترتيب وتنظيم مهامه ووقته.
أسباب اضطراب فرط الحركة وضعف الانتباه
لا يوجد سبب مباشر معروف حتى الآن لاضطراب فرط الحركة وضعف الانتباه لكن هناك العديد من العوامل التي من الممكن أن تكون ذات صلة بحدوثه منها:

- العامل الوراثي
- التدخين وتعاطي المخدرات والكحول أثناء الحمل
- تعرض الأم للسموم أثناء الحمل
- تعرض الطفل لكميات كبيرة من الملوثات وخصوصاً لمادة الرصاص
- ولادة الطفل بوزن ناقص أقل من الوزن الطبيعي
- أضرار وإصابات معينة بالمخ
هل يمكن الشفاء من اضطراب فرط الحركة وضعف الانتباه؟
بالرغم من عدم وجود مصطلح الشفاء التام في هذا الاضطراب إلا أن التحكم في أعراض الاضطراب متاحة بعدة طرق:
1. العلاج الدوائي
يوجد العديد من الأدوية التي تساعد على التحكم في أعراض اضطراب فرط الحركة وضعف الانتباه منها أدوية منبهة ومنشطة تعمل علي رفع مستوى الدوبامين والنورأدرينالين في المخ مما يساعد عي زيادة التركيز والانتباه والوظائف الإدراكية.
قد لا يكون هذا النوع من الأدوية مناسباً للجميع لما يسببه من أعراض جانبية كارتفاع ضغط الدم وزيادة سرعة ضربات القلب وربما القلق والتوتر لذلك إذا كانت تلك الأدوية تشكل أي خطورة علي المريض لأي سبب فإن الطبيب يقوم بالتبديل لنوع آخر معين من مضادات الاكتئاب المعروفة بتأثيرها الإيجابي في حالات فرط الحركة وضعف الانتباه.
يجب العلم أن أياً من تلك الأدوية لا يتسبب في حدوث الإدمان أو التعود وأن الأعراض الجانبية لتلك الأدوية او أي دواء آخر ليست أكيدة الحدوث وإن حدثت فإن الطبيب يقوم بتغيير نوع الدواء عند اللزوم فلا داعي للذعر.
2. العلاج النفسي والسلوكي
يساعد العلاج النفسي والسلوكي المصاب بهذا الاضطراب علي تغيير السلوكيات القهرية التي تعيق حياته بحيث يتلعم كيف يقوم بتنظيم وقته ومهامه وكيف يتحكم في غضبه ويتغلب علي سلوك التسرع وإيجاد طرق مختلفة لآداء الواجبات مع ملل أقل والعمل تحت الضغط أو في حالات نفسية سيئة.
يساعد أيضاً العلاج النفسي على اكتساب مهارات اجتماعية تساعد المصاب على الاختلاط بالآخرين وتكوين علاقات صحية والاستماع للآخرين ومحاولة فهمهم وتقديرهم، كما يساعد على مراقبة سلوكيات الفرد وأفكاره ومحاولة التحكم بها. يساعد العلاج النفسي السلوكي أفراد الأسرة علي فهم المصاب بالاضطراب والتعامل معه بشكل سليم وكيفية احتواء والتعامل مع الأضرار التي قد تنتج من تصرفاته.
نظرة عامة
اختصاراً لما سبق فإن اضطراب فرط الحركة وضعف الانتباه قد يحدث لأي طفل ويستمر معه طوال حياته مؤثراً علي شخصيته وتفاعله مع الآخرين وآداؤه الدراسي وعلاقاته وعمله فيما بعد، وربما يكون بيئة خصبة لتطور بعض الأمراض النفسية الأخرى كالاكتئاب والقلق المزمن وغيرها إذا لم يتم التعامل مع بشكل ملائم من البداية.
بالرغم من المشكلات العديدة التى يسببها هذا الاضطراب إلا أن اكتشافه والتعامل معه بالشكل السليم يؤدي إلى حياة مثمرة ويضمن للطفل حصوله على فرص أفضل في التعليم والعلاقات ولعيش حياة طبيعية تماماً. لذلك إذا لاحظتي تلك الأعراض علي طفلك فسارعي بعرضه علي طبيب نفسي للاطمئنان عليه.