الحزن والاكتئاب ليسا وجهان لعملة واحدة كما يعتقد البعض بل على النقيض تماماً بينما يُعد الحزن والشعور به إشارة صحية وطبيعية يعتبر الاكتئاب مرض يحتاج لتدخل طبي وعلاج نفسي ودوائي. باعتبار الاكتئاب يختلف عن الحزن كان لابد من توضيح الفرق حتى يستطيع كل منّا التعرف عليه في حال مصادفته، فالاكتئاب ليس مرضاً نادر الحدوث بل على العكس من ذلك، هناك حولك بالتأكيد مريض اكتئاب أو ربما تكون أنت الآخر مصاباً به أو مررت بنوبة من نوباته دون أن تدرك ذلك. فيما يلي سنعرض نبذة مختصرة عن الأنواع المختلفة للاكتئاب.

1. الاكتئاب الحاد
يعد هذا النوع هو الأكثر شهرة والأكثر عنفاً من حيث شدة أعراضه التي تسيطر على المصاب به معظم الأوقات لتحيل حياته إلى عبء وعذاب. قد توجد علاقة بين الظروف الحياتية التي يعيشها المريض وبين تطور المرض وقد لا توجد علاقة واضحة بينهما، فقد تمتلك وظيفة احلامك وعائلة داعمة وأصدقاء وفوق كل ذلك ناجحاً على المستوى الأكاديمي أو على مستوى العمل وتصاب بالاكتئاب وقد تكون حياتك على النقيض تماماً من كل ذلك وتكون صحيحاً تماماً ولا تعاني من تلك التجربة. هناك بعض الأعراض التي تساعد في التعرف على هذا المرض وهي:
- إحساس عميق ومستمر وغير مبرر بالحزن والكآبة
- اليأس والتشاؤم
- كراهية الذات والإحساس المستمر بالذنب
- الشعور بالقلق والخوف الدائم
- التفكير في الموت أو الانتار أو إيذاء النفس
- اضطرابات في النوم
- اضطرابات في الشهية
- فقدان الطاقة والتعب الدائم
- فقدان المتعة والاهتمام بالأنشطة التي كانت محببة وممتعة من قبل
- آلام مزمنة مع عدم وجود سبب عضوي واضح
- اضطرابات في الجهاز الهضمي
- اضطرابات في التركيز والذاكرة
- صعوبة القيام بالأنشطة اليومية المعتادة

هذه بعض الأعراض الشائعة التي تختلف من شخص لآخر، فمن الممكن أن يعاني شخص ما من كل تلك الأعراض أو أكثر ومن الممكن أن يعاني آخر من بعضها فقط. لابد أن تستمر تلك الأعراض اكثر من أسبوعين لكي يتم التشخيص باضطراب الاكتئاب. يأتي هذا النوع من الاكتئاب على شكل نوبات قد تستمر لأكثر من أسبوعين أو شهور لكن مع خطة العلاج المناسب يحدث الشفاء للأبد أو قد يعاود الرجوع فيما بعد على شكل نوبة أخرى.
2. الاكتئاب المستمر المزمن
يتشابه هذا النوع من الاكتئاب مع الاكتئاب الرئيسي لكن شدة الأعراض تكون أقل والمدة الزمنية أطول حيث يستمر هذا النوع من الاكتئاب لمدة تزيد عن سنتين وفيما يلي بعض أعراضه:
- الحزن والكآبة
- عدم تقدير الذات
- اضطرابات في الشهية والنوم
- صعوبة في آداء مهام الحياة المعتادة
- صعوبة في إنجاز مهام الدراسة والعمل
- الانطوائية والانسحاب من المجتمع
- مشكلات في التركيز والذاكرة
- صعوبة الإحساس بالسعادة في المناسبات السعيدة.

بالرغم من أن ذلك النوع من الاكتئاب يعد مزمناً ويستمر لسنوات إلا أن المريض قد يمر بفترات من انحسار تلك الأعراض حيث يشعر أنه على ما يرام قبل أن تعاود تلك الأعراض بالظهور مرة أخرى، وقد يعاني المريض أيضاً من نوبة أو أكثر من نوبات الاكتئاب الرئيسي الحاد أثناء او قبل الاكتئاب المزمن. يعتبر هذا النوع من أكثر الأنواع التي لا يتم اكتشافها بسهولة نظراً لاستمراره لسنوات فقد يظن المصاب به أن هذه هي طبيعة حياته ولا يفكر في الذهاب للطبيب.
3. الاكتئاب الهوسي (اضطراب ثنائي القطب)
الاكتئاب الهوسي هو المسمى القديم لاضطراب ثنائي القطب ويتميز هذا الاضطراب بفترات متبادلة بين الاكتئاب والهوس. قد يستمر الاكتئاب لأسبوع أو أسبوعين إلى أن ينقلب لنوبات هوس وطاقة مفرطة وسعادة عارمة.

أعراض فترة الاكتئاب تكون كما ذكرناها سابقاً أمّا أعراض فترة الهوس فتكون كما يلي:
- شعور مفرط بالسعادة والبهجة بدون سبب واضح
- الإحساس بطاقة ونشاط مفرط
- عدم الرغبة في النوم ” يختلف ذلك عن الأرق، هنا المريض لا يحتاج إلى النوم من الأساس ولا يرغب به”
- الإقدام على أنشطة وقرارات متهورة
- الإفراط في تقدير الذات وربما تصل في بعض الأحيان لجنون العظمة
- أفكار متسارعة والكلام السريع
- صعوبة الاستقرار في مكان معين أو الهدوء
في بعض الحالات الشديدة قد يعاني المريض من هلاوس سمعية وبصرية وأفكار غير حقيقية، قد تكون فترات الهوس وأعراضه شديدة جداً بشكل يستدعي احتجاز المريض في مستشفى متخصص وقد تختلط أعراض الاكتئاب والهوس معاً في نفس الفترة.
4. الاكتئاب الذهاني
يطلق هذا المسمى على الاكتئاب عندما يجتمع فيه أعراض الاكتئاب مع أعراض الذُهان أو الفصام. يعرف الذهان أو الفصام بأنه انفصال عن الواقع مع وجود هلاوس سمعية وبصرية وأفكار غير حقيقية. هنا بجانب أعراض الاكتئاب فإن المريض يسمع أو يرى أو يشم أشياء غير حقيقية، فربما تجده يتحدث مع شخص غير موجود مدعياً بأنه موجد بالفعل ويكون مقتنع بذلك تمام الاقتناع، وقد يترك مكان ما ويرفض المكوث به لكونه يشم بهذا المكان رائحة كريهة. كما قد يؤمن ببعض الأفكار الغير حقيقية، على سبيل المثال قد يكون مقتنعاً أن هناك مؤامرة تحاك ضده أو أن أحد أفراد عائلته يريد قتله.
5. اكتئاب الولادة
كان هذا النوع يسمى من قبل اكتئاب ما بعد الولادة إلا أن المسمى غير دقيق فهذا النوع من الاكتئاب تعاني منه النساء في شهورهن الأخيرة من الحمل وبعد ولادة الطفل. ليس هناك قاعدة تؤكد إصابة النساء بالاكتئاب في الشهور الأخيرة من الحمل أو بعد الولادة فهذه التجربة لا تمر بها كل النساء.

غالباً فإن سبب هذا الاكتئاب هو التغيرات الهرمونية التي تطرأ على جسد الأنثى في تلك الفترة. تعاني الأم في تلك الفترة من أعراض الاكتئاب المعتادة بالإضافة إلى شعور عنيف بالقلق على الطفل ربما يدفعها لإيذاء نفسها أو إيذاء الطفل، لذلك فمن المهم جداً أن يكون هناك دعم للنساء في فترة الحمل الأخيرة وبعد الولادة لتقليل خطر الإصابة بالاكتئاب ولتقديم الدعم في حالة حدوثه.
6. اكتئاب ما قبل الدورة الشهرية
يعد من ضمن أعراض متلازمة اضطراب ما قبل الدورة الشهرية، وهي مجموعة من الأعراض الجسدية والنفسية التي تعاني منها النساء منذ التبويض وحتى موعد الدورة الشهرية. يحدث ذلك النوع بسبب الاضطرابات الهرمونية الحادثة في تلك الفترة ولكن سرعان ما تقل أعراض ذلك الاكتئاب بعد بدء النزيف.تشمل أعراض تلك الفترة آلام في أماكن متعددة من الجسم وشعور بالانتفاخ وعدم الارتياح وتقلصات وشعور بالقلقل والحزن واضطرابات في الشهية والنوم ونوبات ذعر.
7. الاكتئاب الموسمي
يحدث هذا النوع من الاكتئاب لدى البعض نتيجة تغيير مواسم السنة. من الممكن أن يحدث هذا الاكتئاب في أي فصل من فصول السنة لكن النوع الأكثر شهرة والأكثر حدوثاً هو الاكتئاب الملازم لفصل الشتاء. تبدأ أعراض الاكتئاب بالظهور في نهاية فصل الخريف وتزداد خلال التقدم في فصل الشتاء ويمكن أن تصل لأفكار انتحارية ومحاولة إيذاء النفس. تشمل تلك الأعراض: الانطوائية والانسحاب من المجتمع، الرغبة الدائمة في النوم وزيادة الوزن. تبدأ هذه الأعراض في التحسن بدخول فصل الربيع.

8. الاكتئاب الغير نمطي
يشترك هذا النوع مع الاكتئاب الرئيسي المعتاد في الأعراض لكن تلك الأعراض تتوقف أو تنحسر مع معايشة أحداث سعيدة وترجع للظهور مرة أخرى. يمثل هذا النوع تحدي حيث يصعب اكتشافه لكنه ليس أقل خطورة او انتشاراً من الأنواع الأخرى.
في النهاية الاكتئاب مرض كغيره من الأمراض يستحق الانتباه ويلزم له تلقي العلاج المناسب حتى يستطيع المصاب به ممارسة حياته بشكل طبيعي دون معاناة، للاكتئاب أنواع وأشكال كثيرة لذلك إذا كنت تشعر أنك لست بخير وتعاني من أي أعراض تسبب لك صعوبة في آداء عملك أو أنشطة حياتك اليومية سارع في استشارة الطبيب المختص.