النوم من الأنشطة البيولوجية التي ظلت محط تساؤلات لفترة طويلة ورغم كل التقدم الطبي والتكنولوجي الذي نعيشه الآن فما زال هناك الكثير لا نعرفه عن النوم بشكل دقيق. جميعنا يعرف أهمية النوم في تجديد النشاط وإراحة الجسم وكذلك في تجديد خلايا الجسم والتخلص من السموم وإعطاء الفرصة للمخ للعمل بشكل جيد وتخزين ما نحتاجه من معلومات بشكل صحيح. لذلك يوصي الأطباء طبقاً لآخر الأبحاث بالحصول علي 8 ساعات من النوم العميق يومياً وليس أقل من ذلك وتؤكد الأبحاث علي أن الحرمان من النوم يؤدى للعديد من المشاكل والأمراض.

النوم الطويل وأمراض القلب
أسفرت دراسة جديدة عن حقائق أخرى ربما تبدو للوهلة الأولى أنها غريبة. تشير هذه الدراسة التي أجرتها جامعة كيلي البريطانية إلى أن النوم أكثر من اللازم أيضاً يُعد مشكلة وقد يترتب عليه عدة أمراض خطيرة.
تم إجراء الدراسة علي مجموعة من الناس الذين ينامون في المتوسط حوالي 10 ساعات يومياً وجد أن تلك الفئة هي عُرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والجلطات بنسبة 48% أكثر من غيرهم ممن يحظون علي عدد ساعات نوم طبيعية. كما يرتفع خطر الموت لديهم في سن معين بنسبة 30% أكثر من غيرهم. لكن هذه الدراسات لم تستطع تحديد الآلية بين زيادة ساعات النوم وارتفاع خطر الإصابة بتلك الأمراض.

العلاقة بين زيادة النوم وبعض الأمراض
هل يمكن أن تكون ساعات النوم الزائدة مجرد غطاء لشئ آخر؟ هل يُسبب النوم المبالغ فيه أمراض القلب والأوعية الدموية بشكل مباشر أم يرتبط به أمور أخرى هي ما تؤدي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية؟ هل من الممكن أن يمتلك هؤلاء الأشخاص الذين ينامون أكثر من اللازم جينات معينة تجعلهم مُعرضين للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وتلك الجينات ترتبط بشكل ما أو بآخر بزيادة ساعات النوم؟
هذا ما دفع العلماء والباحثين للقيام بالعديد من الدراسات الأخرى والتي لم تُحرز تقدماً ملحوظاً عن سابقتها ولم تقدم تفسيراً واضحاً، لكنها فتحت الباب للمزيد من الاحتمالات وكشفت الغطاء عن عوامل مشتركة أخرى بين الأمرين ( كثرة عدد ساعات النوم وأمراض القلب والأوعية الدموية ).
وُجد أن عدد لا بأس به ممن أقيمت عليهم الدراسة ينامون عدد ساعات أكثر من المعتاد نتيجة لخلل آخر بهم مثل مرض كسل الغدة الدرقية أو مشاكل بالتنفس نتيجة ضيق مجري الهواء مثلاً. اقترح بعض العلماء أيضاً أن النوم عملية مُعقدة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنمط حياة الفرد من حيث صحته النفسية وطبيعة عمله وعدد ساعات العمل والمجهود المبذول بالعمل ووجود أطفال صغار يحتاجون للرعاية والانتباه من عدمه فالأمر ليس بتلك البساطة. كل تلك العوامل من شأنها التأثير علي نتائج التجربة فهي تؤثر علي كل من عدد ساعات النوم وأيضاً ربما يكون لها دور غير مباشر في الإصابة بالأمراض.

كما أضاف آخرون أنه من السهل الخلط بين الحصول علي عدد ساعات نوم أكثر من المعتاد وبين الحرمان من النوم، فليس المهم هو عدد الساعات التي يقضيها الشخص في السرير بل الأهم هو طبيعة وجودة النوم، فمن الممكن أن يقضي الشخص ساعات طويلة في السرير بينما يُعاني من صعوبة في الحصول علي الراحة او النوم العميق.
زيادة ساعات النوم جرس إنذار !
برغم تلك الاختلافات الكثيرة اتفقت كل هذه الأبحاث وهؤلاء العلماء في أن زيادة عدد ساعات النوم بشكل مستمر ظاهرة غير طبيعيىة يجب أخذها بجدية واعتبروا ذلك بمثابة جرس إنذار يشير أن هناك مشكلة ما لابد من حلها، لارتباط تلك المشكلة أياً كانت بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والموت المبكر وغيرها ، لذلك فمن المهم جداً أن يهتم كل من الأطباء وعامة الناس بمتابعة عدد ساعات نومهم وطبيعته لأن النوم يكشف لنا الكثير مما لا نعرفه عن صحة أجسادنا وعقولنا.
يوصي الباحثون في مجال النوم أن يتم إدراج النوم ضمن الأشياء الرئيسية التي يتفقدها الأطباء أثناء فحوصهم الاعتيادية، فمن المهم أن يتم سؤال المريض عن عدد ساعات نومه وإن كان يحصل علي نوم هادئ صحي أو يعاني من مشاكل ما من صعوبة النوم أو إذا كان يحصل علي عدد ساعات نوم أقل او أكثر من اللازم.